إلى أين يقودنا ربان السفينة؟

إلى أين يقودنا ربان السفينة؟

  • إلى أين يقودنا ربان السفينة؟

اخرى قبل 3 سنة

إلى أين يقودنا ربان السفينة؟

بقلم  كاتب سياسي في الشتات

 

   ان السؤال الذي يطرح نفسه :بأي منطق وبأي عقلية وطريقة في التفكير يتعامل د.محمود عباس الرئيس الفلسطيني  مع القضية ؟

اقول في البداية دعنا نوضح الفرق بين العقل المسطح والعقل المركب بالمثال التالي  : اذا أصيب الإنسان بحالة من التقيؤ وصاحبها حالة من الإسهال فان العقل المسطح يقول دعنا ناخذ دواء للتقيؤ ودواء للاسهال .بينما يقول العقل المركب ان هذه الحاله تمثل التسمم من الناحيةالطبيةوعلينا ان ناخذ دواء التسمم.فالدواء الاول يؤدي الى الوفاة والدواء الثاني الى الحياة.  قالعقل المركب هو العقل العلمي  التحليلي التركيبي والذي يستشرف أفاق المستقبل بينما العقل المسطح بطبيعته عقل عاطفي مزاجي غير مستقر لا يرى ابعد من ارنبة انفه والذي يتخذ قرارا سرعان ما يندم عليه في وقت لا ينفع الندم .  

وبناء على ذلك اقول بقناعة مطلقه ان الأخ الرئيس  ابو مازن يمتلك عقلا مركبا يواجه به العقل العلمي والمركب للكيان الصهيوني ويواجه بنفس الوقت العقول الفلسطينية المسطحة (وما أكثرها ).هذه العقول التي تتحاذق بالقذف والتشهير .

ان د.محمود عباس الرئيس الفلسطيني  يدرك اكثر من غيره اجحاف اتفاقية اوسلو والتي تنصلت اسرائيل من استحقاقاتها ويعرف تماما ان هذه الاتفاقية قد اصبحت كمن بلع الموس فلا هو قادر على تقيؤه ولا هو قادر على هضمه .فاصحاب العقل المسطح في الوطن والشتات يطالبونه بحل السلطة باعتبارها تحرس الاحتلال ولا يدري هؤلاء ان حل السلطة تعني كمن يريد إنتزاع الموس بقطع الرأس .بينما المطلوب انتزاع الموس بعملية جراحيةسياسية معقدة تحافظ على حياة القضية وليس تدميرها. وهذه العملية المعقدة لا يتقنها الا عقل مركب تعمق في دراسة العقل الصهيوني وعرف كيف يفكر .  ومن لا يعرف كيف يفكر عدوه لن ينتصر.

 ورب قائل :ليتم التنصل من التنسيق الأمني مع اسرائيل .اقول ان هذا شر مرغمين عليه شئنا ام ابينا واذا تم التنصل منه يعني ببساطة انه قد اصبحنا وجها لوجه في مواجهة مع العدو وموازين القوى تجعل  النتيجة حتما لصالحه .

ان المشهد السياسي أمام الاخ  الرئيس ابو مازن يتمثل فيما يلي  :

اولا فلسطينيا :

يتعامل الرئيس  ابو مازن مع عدو ذو انياب نووية ومتطور جدا من الناحية التكنولوجية والعسكرية ومدعوم بلا حدود من امريكا ومن معها من الدول الغربية اقتصاديا وعسكريا وسياسيا ولا يأبة لأي قرارات دولية. فالرئيس محمود عباس  يرى بأم عينيه يوميا زحف المستوطنات والمستوطنين ويرى تهويد القدس  ويرى ألهيمنة على الحرم الإبراهيمي والبطش والتنكيل بالشباب (والشابات ) على الحواجز الاسرائيلية ويرى الفسفور الابيض يشوي جلود شعبه في غزه ......الخ   . وامام هذه المشاهد يصبر صبر ايوب وهو يتمزق من الألم والظلم دون ان يفقد اتجاه البوصلة .

أما اهل البيت فهم موزعون على 15 تنظيم ماركسي واسلامي وقومي مستقطب بعضهم من اكثر من طرف عربي ودولي (من حيث الدعم باشكاله المختلفة )..

ثانيا عربيا :  تدهور التماسك القومي مثل حجار الدومينو بعد احتلال العراق وبعد ما سمي بالربيع العربي فتمزقت ليبيا ودمرت سوريا بعد تدمير العراق والتهبت اليمن بالمآسي والنكبات ...الخ. وصار  يواجه انظمة عربية ضاغطة سياسيا واقتصاديا لتركيعه باي شكل من الاشكال فتقدم الدعم او الحرمان له حسب درجة الليونة مع اطروحاتهم التسووية . فهذه الأنظمة اصبحت تشكل لوبي سياسي واقتصادي واعلامي يوظف الثروة لخدمة امريكا واسرائيل نهارا جهارا .والأنكى من ذلك انه قد اصبح لها رموز فلسطينية سبق وان سقطت وطنيا واخلاقيا على درب النضال يتم تلميعهم لشق الوسط الفلسطيني  مدعومين بكل الامكانيات المادية والاعلامية .اما على الصعيد الشعبي العربي فالأحزاب القومية والوطنية الشريفة والداعمة للقضية الفلسطينية فهي اما قد اهترأت وإما قد تشرذمت وبالتالي انحسر تأثيرها وفاعليتها وسط الجماهير العربية وذلك اما بفعل شيخوختها واما بفعل ضراوة القمع للاجهزة الاستخبارية في هذه الدول.

ثالثا دوليا:

واتطرق هنا فقط لأصدقاء الأمس والمتعاطفين معنا اليوم:

   1-  الصين الحالية ليست صين ماوتسي تونغ التي وقفت بجانب الثوار في فيتنام وغيرها .فالصين اليوم يحركها العامل الاقتصادي في عصر العولمة .

2- روسيا اليوم ليست الاتحاد السوفياتي  السابق بقيادة بريجينيف .انها روسيا بوتين التي تنشغل بمصالحها ونفوذها امام النفوذ الامريكي .

3-الهند اليوم ليست  هند المهاتما غاندي .فالهند انشغلت بالبناء الاقتصادي وعززت علاقتها الاقتصادية مع اسرائيل (ومع امريكا التي تقف بجانبها في صراعها مع باكستان ).

امام هذا المشهد الموجز كان على الرئيس ابو مازن ان يحاول انقاذ ما يمكن انقاذه حتى ولو تمرغ بوحل اوسلو اللعين وهو الذي يعاني من جراح اشواك اوسلو اكثر من غيره.انه يتجه بكل ما اوتي من قوة ودهاء لتصليب العامل الذاتي وتوحيد الصف الفلسطيني ويقاتل على الجبهة الدبلوماسية بحنكة وضراوة لكسب ما يمكن كسبه عسى ولعل ان يتغير الوضع العربي والدولي نحو الافضل وحينما يتحقق ولو جزء يسير من ذلك فبالتأكيد سيغير ادارة المعركة بتعقل وثورية .  والى الداعين للكفاح المسلح اقول :كانت الصين وروسيا تدعمان ثوار الفياتكونغ بلا حدود .وكان المرحوم عبد الناصر يحتضن الثورة الجزائرية ويدعمها .وبالتالي هل هناك نظام عربي او دولي  يمكن ان يحتضن هذا النهج ؟وعلينا ان ننتفض دون ان ننتحر.

  واذا صبر هرتزل 50 عاما لتحقيق حلمه لإنشاء الكيان الصهيوني فإن ابو مازن قفل على هدفه وحلمه بتأسيس دولة فلسطينية مهما طال الزمن ويعمل بالممكن ولا ينسى الطموح  وتبقى السياسة فن الممكن.

التعليقات على خبر: إلى أين يقودنا ربان السفينة؟

حمل التطبيق الأن